تواضع النبي(ص) وحسن خلقه
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
في تواضع النبي وحسن خلقه
1 - محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله قال : ما أكل رسول الله متكئا منذ بعثه الله عز وجل إلى أن قبضه تواضعا لله عز وجل ، وما رؤي ركبتاه أمام جليسه في مجلس قط .
ولا صافح رسول الله رجلا قط فنزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده ، ولا كافئ رسول الله بسيئة قط قال الله له : ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) وما منع سائلا قط ، إن كان عنده أعطى ، وإلا قال : يأتي الله عز وجل ، ولا أعطي على الله عز وجل شيئا قط إلا أجازه الله ، إنه ليعطي الجنة فيجيز الله ، له ذلك . وكان أخوه من بعده والذي ذهب بنفسه ما أكل من الدنيا حراما قط حتى خرج منها ، والله إنه كان ليعرض له أمران كان كلاهما لله عز وجل طاعة فيأخذ بأشدهما على بدنه ، والله لقد أعتق ألف مملوك لوجه الله عزو جل ، دبرت فيهم يداه ، والله ما أطاق عمل رسول الله من بعده أحد غيره ، والله ما نزلت برسول الله نازلة قط إلا قدمه فيها ثقة منه به ، وإنه كان رسول الله ليبعثه برايته ، فيقاتل جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، ثم ما يرجع حتى يفتح الله عز وجل له .
2 - وعنه ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن بحر السقاء ، قال لي أبو عبد الله : يا بحر حسن الخلق يسر ، ثم قال : ألا أخبرك بحديث ما هو في أيدي أحد من أهل المدينة ؟ قلت : بلى .
قال : بينا رسول الله ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار ، وهو قاعد ، فأخذت بطرف ثوبه ، فقام لها النبي فلم تقل شيئا ، ولم يقل لها النبي شيئا ، حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، فقام لها النبي في الرابعة وهي خلفه ، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت ، فقال لها الناس : فعل الله بك وفعل ، حبست رسول الله ثلاث مرات لا تقولين له شيئا ولا هو يقول لك شيئا ما كانت حاجتك إليه ؟ قالت : إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ليستشفى بها ، فلما أردت أخذها رآني فقام ، فاستحييت أن آخذها وهو يراني ، وأكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها .
3 - الشيخ في " أماليه " قال : حدثنا الحسين بن عبيد الله الغضائري رحمه الله ، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري ، قال : حدثنا محمد بن همام ، قال : حدثنا علي ابن الحسين الهمداني قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد البرقي ، عن أبي قتادة القمي ، عن أبي عبد الله قال : إن لله عز وجل وجوها خلقهم من خلقه وأرضه ، لقضاء حوائج إخوانهم ، يرون الحمد مجدا والله عز وجل يحب مكارم الأخلاق ، وكان فيما خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن قال له يا محمد : ( إنك لعلى خلق عظيم ) قال : السخاء وحسن الخلق .
4 - ابن بابويه في " أماليه " قال : حدثنا أبي رضي الله عنه ، قال : حدثني علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبان الأحمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : جاء رجل إلى رسول الله وقد بلي ثوبه ، فحمل إليه اثني عشر درهما فدفعها إلى علي قال : اشتر لي قميصا ، فدخل علي السوق ، واشترى قميصا باثنتي عشرة درهما .
فلما رآه النبي قال : يا علي قميص دونه يكفيني ، أترى صاحبه يقيلنا ؟ فقال : لا أدري .
فقام النبي ، ودخل معه السوق فاستقال التاجر ، فأقاله ، وأخذ الدراهم وانصرف ، فوجد جارية على الطريق تبكي ، فقال لها : ما يبكيك ؟ قالت : أعطاني أهلي أربعة دراهم لاشتري بها حاجة ، وقد ضيعتها ، فأعطاها رسول الله أربعة دراهم .
ثم دخل السوق واشترى قميصا بأربعة دراهم ولبسه ، فانصرف فوجد رجلا على الطريق عريانا ، وهو يقول : من كساني كساه الله تعالى من ثياب الجنة ، فأعطاه النبي قميصه ، وانصرف إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم ولبسه ، وانصرف فوجد الجارية تبكي فقال لها : مالك ؟ فقالت يا رسول الله إن أهلي قد أبطأت عليهم فأخاف أن يضربوني .
فقال النبي : امضي أمامي وأرشديني إلى الطريق ، فما جاء إلى الباب قال : السلام عليكم فلم يجيبوه ، ثم قال : السلام عليكم فلم يجيبوه ، ثم قال : السلام عليكم فقالوا : وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته .
فقال عليكم فلا تجيبوني ، فقالوا : سمعنا سلامك ، فأحببنا أن نستكثر منه ، فقال : هذه الجارية قد أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها ، فقالوا : يا رسول الله هي حرة لممشاك . فقال النبي : ما رأيت اثنتي عشرة درهما أعظم بركة من هذا كسى الله جل جلاله بها عاريين وأعتق بها نسمة .
5 - وعنه ، قال : حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، قال : أخبرني محمد بن يحيى الخزاز قال : حدثني موسى بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عن أمير المؤمنين قال : إن يهوديا كان له على رسول الله دنانير فتقاضاه ، فقال له : يا يهودي ما عندي ما أعطيك ، فقال : فأني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني فقال : إذا أجلس معك ، فجلس معه ، حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة ، وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتواعدونه .
فنظر رسول الله إليهم فقال : ما الذي تصنعون به ؟ فقالوا : يا رسول الله يهودي يحبسك ؟ فقال : لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره .
فلما علا النهار قال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وشطر مالي في سبيل الله ، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة ، فإني قرأت نعتك في التوراة : محمد بن عبد الله مولده بمكة ، ومهاجره بطيبة ، ولا بفظ ، ولا غليظ ، ولا سخاب ، ولا متزين بالفحش ، ولا قول الخناء ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله عز وجل ، وكان اليهودي كثير المال .
ثم قال : كان فراش رسول الله عباءة ، وكان مرفقته أدم حشوها ليف ، فثنيت له ذات ليلة ، فلما أصبح قال : لقد منعني الفراش الليلة الصلاة ، فأمر رسول الله أن يجعل بطاق واحد .
6 - الكافي ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إسماعيل بن مهران جميعا ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الله بن مسكان ، عن عمار بن حيان ، قال خبرت أبا عبد الله ببر إسماعيل ابني بي ، فقال : لقد كنت أحبه فقد ازددت له حبا ، إن رسول الله أتته أخت له من الرضاعة فلما نظر إليها سر بها ، وبسط ملحفته لها ، فأجلسها عليها ، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها .
ثم قامت وذهبت وجاء أخوها ، فلم يصنع به ما صنع بها ، فقيل له : يا رسول الله صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل ؟ فقال : لأنها كانت أبر بوالديها منه .
7 - والذي رواه الحسين بن سعيد ، في كتاب " الزهد " عن فضالة بن أيوب ، عن سيف بن عميرة ، عن ابن مسكان ، عن عمار بن حيان ، قال أخبرني أبو عبد الله ببر ابنه إسماعيل له وقال : ولقد كنت أحبه وقد ازداد إلي حبا ، إن رسول الله أتته أخت له من الرضاعة . وساق إلى آخره الحديث إلا أن في آخره : فقال : لأنها كانت أبر بأبيها منه .
8 - محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة عن زرارة ، عن أبي جعفر قال : دخل يهودي على رسول الله ، وعائشة عنده فقال : السام عليكم فقال رسول الله : عليك .
ثم دخل آخر فقال مثل ذلك فرد عليه كما رد على صاحبه ثم دخل آخر فقال : مثل ذلك ، فرد عليه كما رد على صاحبيه ، فغضبت عايشة ، فقالت : عليكم السام والغضب واللعنة يا معشر اليهود ، يا إخوة القردة والخنازير . فقال لها رسول الله : يا عايشة إن الفحش لو كان ممثلا لكان مثال سوء إن الرفق لم يوضع على شئ قط إلا زانه ، ولم يوضع عنه قط إلا شانه .
قالت : يا رسول الله أما سمعت إلى قولهم السام عليكم ؟ فقال : بلى أما سمعت ما رددت عليهم ؟ قلت : عليكم ، فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا : السلام عليكم ، وإذا سلم عليكم كافر فقولوا : عليك .
9 - وعنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله ، قال : كان رسول الله يسلم على النساء ويرددن عليه ، وكان أمير المؤمنين يسلم على النساء ، وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن ويقول : أتخوف أن يعجبني صوتها ، فيدخل علي أكثر مما أطلب من الاجر .
10 - وعنه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد ، قال : سألت أبا الحسن فقلت : جعلت فداك الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون ويضحكون ؟ فقال : لا بأس ما لم يكن ، فظننت أنه نهى عن الفحش .
ثم قال : إن رسول الله كان يأتيه الاعرابي فيهدي له الهدية ، ثم يقول مكانه : أعطنا ثمن هديتنا ، فيضحك رسول الله ، وكان إذا اغتم يقول : ما فعل الاعرابي ؟ ليته أتانا .
11 - الحسين بن سعيد في كتاب " الزهد " عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، يعني عبد الله قال الحسن يعني الصيقل : سمعنا أبا عبد الله يقول : مرت برسول الله امرأة وهي بذية ، وهو يأكل ، فقالت : يا محمد إنك لتأكل أكل العبد ، وتجلس جلوسه ؟ ! فقال لها : ويحك وأي عبد أعبد مني ؟ فقالت : أما تناولني لقمة من طعامك ؟ فناولها رسول الله لقمة من طعامه ، فقالت : لا والله إلا إلى فمي من فيك . قال : فأخرج اللقمة من فيه فناولها إياها فأكلتها ، قال أبو عبد الله : فما أصابتها بذاء حتى فارقت الدنيا .
__________________