زيارة مدحــت باشا الأولى للبصــرة

في الرابع من شوال سنة 1869م / 1286هـ ، زار الوالي العثمانــي مد حت باشا البصـــرة للمــرة الاولـــى ، يرافـقه متصرف بغداد شاكر بك ، وواحد او اثنان من الموظفـين استصحبهم معه ؛ وكان متسلم السنجق آنذاك بالوكالة غالب افـندي ، يرافـقه بعـض موظفـيه ، واتصل بأهـلها واستمع إلى شكاواهـم ومطالعاتهم ، و فيها ألغى اخـذ رسوم النخيل عـلى أساس الخـرص وتخمين الخراصين ، واعـتمد طريقة استيفاء الرسوم عـلى أساس الجريب فأراح واستراح .
ولـــد مـدحت باشا في الاستانة في شهـر صفـر مـن عام ( 1822م / 1238هـ ) لأبٍ من القضاة يدعى الحافـظ محمد اشرف . و بعد ان اكمل تعليمه بد راسة اللغة العـربية وحفـظ القـرآن الكريم ، وتعلم اللغة الفارسية والخط ، ومبادئ العلوم الاخرى على بعض علماء الدين ، انخـرط في سلك الوظائف الحكومية ، فعين كاتبا في احـدى الـد وائر الحكومية في العاصمة وتـد رج في سلم الوظائف ، وفي ستينات القـرن التاسع عشر حينما كان حاكماً لبلغاريا ( 1864 – 1869م ) قام باصلاحات عمرانية وسياسية كبيرة ، فبرز اسمه كموظف قـدير من موظفي الدولة ، فاستدعاه الصد ر الاعظم فـؤاد باشا ليشاركه في وضع بنود ( نظام الولايات ) على ضوء تجاربه الناجحة ، كما اسنـد ت اليه رئاسة ( مجلس شورى الـد ولة ) الذي كان يضطلع بمهمة سن الانظمة والقـوانين ، وتدقـيق المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، وتجري فـيه محاكمة كبار موظفي الدولة . ولكنه لم يستمر في منصبه هذا طويلا ، حيث اضطر لتقـديم استقالته من هـذا المنصب حسماً للخلافات التي نشبت بينه وبين الصد ر الاعظم الجـد يد عالي باشا بعد و فاة فـؤاد باشا في شباط 1869م . عيّن بعد قبول استقالته مباشرة واليا عـلى ولاية بغداد حيث وصل اليها في 30 نيسان ، واقيم الاحتفال له في السراي و قـرئ الفـرمان السلطاني القاضي بتعيينه ، و بعــد الانتهاء من قراءة الفـرمان القى مدحت باشا خطابا طــو يلا حث الناس فيه على العمل ، وذكّــر الموظفين انهم مكلفون بخدمة الاهالي . قام بالكثير من الاصلاحات والاعمال الخيرية ، وحدثت في عهده انتفاضات شعبية اشهـرها (( واقعـــة الدغارة )) .
عـزل عن الولاية سنة 1872م ، واتهم باغتيال السلطان عبدالمجيد ، وحوكم في قصر يلـدز ، فأدين وصدر الحكم بنفيه الى مدينة الطائف ، حيث سجن ، ثم قتل مخنوقا بامر سري من السلطنة كما يقال ، وذلك في شهـر رجب سنة 1301هـ . وصفه لوريمــر بقوله : (( و قـد كان مدحت باشا على الأقل شريفاً إلى حد الوسوسة و تبدو قصة إضطراره إلى بيع ساعته وسلسلته في نهاية فترة خكمه حتى يؤمّن وسيلة مواصلات ليعود بها إلى إستانبول جد مو ثــو قة )) .

للكاتب البصري عـــــــلاء لازم العيســــى / مستـــل من كتاب (( المجمل في تاريــــخ البصــــرة ))

» زيارة عاشوراء وتحقيق الأماني
» مازلت أذكر صورتك الأولى